د.الفوزان يتناول أهم القضايا العصرية للأمة من خلال رابط صوتي
الملتقى الفقهي - عماد عنان
أضيف فى 1436/03/20 الموافق 2015/01/11 - 08:09 م
العلماء ورثة الأنبياء، وخلفاء الرسل، وحرس حدود هذا الدين الحنيف، هم عقول الأمة التي تفكر، ونجومها التي تهدي، ودروبها المستنيرة التي تؤدي إلى مرضاة
الله ورسوله، فهم لألئ الأمة ودررها، وحمًال مشاعلها وأنوارها، لذا كان فضلهم عند الله عظيم، فقد ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلَانِ: أَحَدُهُمَا: عَابِدٌ، وَالْآخَرُ: عَالِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ"(الترمذي)،
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ"( الترمذي)، بل إن من الفقهاء في الإسلام من رفع درجة العلماء فوق درجه المجاهدين في سبيل الله وليس فقط العُبَّاد، يقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهو من علماء الصحابة الأفذاذ: "والذي نفسي بيده، ليودَّنَّ رجالٌ قُتلوا في سبيل الله شهداء، أن يبعثهم الله علماء؛ لما يرون من كرامتهم" أي من كرامة العلماء. ويقول العلامة التابعي الحسن البصري رحمه الله: "يوزن مداد العلماء بدماء الشهداء، فيرجح مداد العلماء"،
وليس من الفقه أن يكون العالم بأطروحاته وقضاياه في واد، والأمة بأزماتها ومشاكلها في واد آخر، فالعالم الفقيه هو من يكون في حاجة أمته،مرآة تعكس هموم المسلمين وآلامهم، طبيبا يداوي جراحاتهم بحكمة وإخلاص، وهو ما جسده فضيلة الشيخ الدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان المشرف العام على شبكة قنوات ومواقع ومنتديات رسالة الإسلام وعضو مجلس هيئة حقوق الإنسان وأستاذ الفقه المقارن بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، من خلال هذا الرابط الصوتي الذي يحوى بين ثناياه تحفة منتقاة من الدروس واللقاءات التي تعكس مشاكل الأمة وهمومها، وتتعرض بصورة فقهية حكيمة لكل التساؤلات التي تداعب رأس كل مسلم فوق هذه الأرض، لتجيب عنها بوضوح، يزيل ما حاك بها من غموض وقلق، حتى ينشرح صدر السائل بإجابات تشفي غليله، وترضي نهمه، وتريح فكره وعقله.
حقوق المسلمين على بعضهم البعض
قد فرض الله تعالى على العباد طاعته، وحرَّم عليهم معصيته، فمن أطاعه كانت له السعادة في الدنيا والآخرة، ومن عصاه كان له الذل والهوان في الدنيا والآخرة، ومن الواجبات التي أوجب الله على عباده، حقوق المسلمين بعضهم على بعض، فمن قام بها فاز في الدنيا والآخرة، ومن تقاعس عنها خسر الدارين، وقد احتوى هذا الرابط الصوتي لفضيلة الشيخ على بعض تلك الحقوق التي كفلها الإسلام للمسلم على أخيه المسلم، والتي تقاعس كثير من المسلمين عنها ألان، ومنها، عيادته مريضا، ومؤازرته في الشدائد والأحزان، ومشاركة أفراحه، وشهادة جنازته، وما إلى غير ذلك من تلك الحقوق.
ومن أعظم الحقوق التي أفرد لها الشيخ نصيبا كبيرا في تلك التحفة الصوتية العظيمة، حق الجار، لما له من مكانة كبيرة في الإسلام، مشيرا أن الإسلام قد وضع نظامًا فريدًا للاجتماع، لحمته التراحم والتعاطف، وسداه التكافل والتكاتف، ومبناه على التعاون على البر والتقوى، والتناهي عن الإثم والعدوان، وقيام كل مسلم بما يجب عليه تجاه من يعامله أو يصل إليه. وقد عظم الله حق المسلم على المسلم، وحق القريب على قريبه، وحق الجار على جاره، وأن القيام بهذه الحقوق من أهم أسباب السعادة للفرد والمجتمع. فإن الناس في هذه الدنيا ممتحنون، والمصائب تحيط بهم من كل جانب، مشيرا أن الإنسان بمفرده أضعف من أن يصمد طويلاً أمام هذه الشدائد، ولئن صمد، فإنه يعاني من المشقة والجهد ما كان في غنى عنه لو أن إخوانه التفتوا إليه، وحدبوا عليه، وهرعوا لنجدته، وأعانوه في مشكلته، فالمرء قليلٌ بنفسه، كثيرٌ بإخوانه وجيرانه وأهله، وأقرب الناس إلى الإنسان، وأكثرهم ملابسة له، ومعرفة بأحواله ـ بعد أهله وقرابته ـ هم جيرانه.
حسن الخلق
كما أفرد فضيلة الشيخ في هذا الرابط الصوتي مجموعة من المقاطع المتميزة عن حسن الخلق، والتي اشتملت على بعض خصال الخلق الحسن، من معاملة طيبة مع الآخرين، والصفح عنهم، والتماس المعاذير لهم، والوقوف بجوارهم في الشدائد، وما إلى غير ذلك من تلك الصفات التي حث الإسلام عليها.
وأشار الشيخ في تلك المقاطع إلى أن حسن الخلق من أسباب تأليف القلوب بين المسلمين بعضهم البعض ،
وإزالة العداوات بين المسلمين وغير المسلمين من جانب أخر، امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم في قوله سبحانه {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} ( الأعراف : 199).كما حث فضيلة الشيخ، المسلمين، على الإحسان لمن أساء إليهم، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليه ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك" (البخاري)، معنى قوله تسفهم المل كما قال النووي : كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم.
وأختتم فضيلة الشيخ الحديث في تلك الجزئية الخاصة بحسن الخلق، محذرا من مخالفة بعض المسلمين لتعاليم الدين في حسن الخلق مع الناس، مع التزامهم بأحكام الشريعة التعبدية الأخرى من صلاة وصيام وقراءة القران وما إلى غير ذلك، منوها أن هذا من باب مخالفة القول للعمل، وهو من أكثر الذنوب التي حذر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم منها.
صلة الأرحام وبر الوالدين
لا شك أن المجتمع الذي يحرص أفراده على التواصل والتراحم يكون حصناً منيعاً، وقلعـة صامدة، وينشأ عن ذلك أسر متماسكة، وبناء اجتماعي متين يمد العـالم بالقادة والموجهين والمفكرين والمعلمين والدعـاة والمصلحين الذين يحملون مشاعل الهداية ومصابيـح النور إلى أبناء أمتهم ، وإلى الناس أجمعين، وهو ما أكده فضيلة الشيخ الفوزان من خلال بعض من المقاطع التي اشتمل عليها هذا الرابط الصوتي.
كما تناول الشيخ أيضا من خلال تلك المقاطع أهم الأسباب التي تؤدي إلى قطيعة الأرحام، ومنها، الجهل بشؤم قطيعة الرحم وعقوباتها العاجلة والآجلة، الحسد وما يمثله من خطورة شديدة في تفتيت الأمة، وإضعاف أواصر العلاقات بين الأسر، كذلك الوشاية والإصغاء إليها، فكم تقطعت من أواصر، وتفرقت من قلوب، وتهدمت من بيوت، بسبب المشائين بالنميمة، الساعين بالإفساد بين القرابة، المفرقين بين الأحبة، المتتبعين للعورات، الباغين لأهل البر العثرات.
ومن خصال الخير والخلق التي أفرد لها فضيلة الشيخ مكانة عظيمة في هذا الرابط، بر الوالدين، فمن أظهر صفات المسلم البر بالوالدين وطاعتهما والإحسان إليهما، وإن هذا العمل من أجل الأمور التي رغب الإسلام فيها وحث عليها، حيث ارتفع الإسلام في تصوير مكانة الوالدين، وعرض الأسلوب الراقي الذي ينبغي للمسلم أن يمارسه في معاملة والديه، وبخاصة إن طال بهما أو بأحدهما العمر.
حقوق الأسرة وفتاوى المرأة
من القضايا التي باتت تمثل وجبة دائمة على موائد الفقه والفتوى الدينية، هي فتاوى المرأة وقضايا الأسرة، والتي أصبحت تمثل حالة من الجدل بين العلماء والفقهاء لما كثر حيالها من تعدد الرؤى والاتجاهات، وهو ما سعى فضيلة الشيخ لإلقاء الضوء عليه من خلال هذه المقاطع الصوتية، التي بيًن من خلالها موقف الشرع الحنيف من قضايا المرأة والقضايا الأسرية المتنوعة، استنادا إلى القرآن والسنة المطهرة، وإجماع العلماء الثقات، حيث تناول العديد من الإشكاليات التي باتت تمثل صداعا في رأس البيت المسلم، ومنها حقوق الزوج على زوجته، وحقوق الزوجة على زوجها، وحقوق الأطفال على الوالدين، فضلا عن الحقوق المشتركة بين الزوجين من اجل بناء حياة أسرية سليمة.
أمراض الأمة
كما تناول فضيلة الشيخ في تلك المقاطع المنتقاة ألأمراض التي تنهش في جسد الأمة، وتنخر عظمها، وتفتت أواصرها، وفي مقدمتها، الحسد، باعتباره أحد أبرز معاول هدم المجتمع المسلم، حيث تناول فضيلته خطورة الحسد، وكيفية معالجة الحاسد نفسه، وسبل الوقاية من هذا الداء العضال، كذلك تناول الظلم، وأسبابه، وخطورته على المجتمع، مع إلقاء الضوء على عقوبة الظلم والظالمين في الدنيا والآخرة، وسبل النجاة من الفتن، والوقاية منها.
المسلمون في الخارج
لم يغفل فضيلة الشيخ في تلك المقاطع، المسلمين في الخارج، وما يواجهونه من مشاكل وتساؤلات، لاسيما في بلاد الكفر، حيث تناول الشيخ أبرز المشكلات التي تعترض طريق المسلمين في تلك الدول، وكيفية التغلب عليها، والتعايش مع غير المسلمين بما لا يؤثر على إيمان المسلم وعقيدته، ومن تلك القضايا التي افرد لها الشيخ نصيبا من تلك المقاطع، حكم الإقامة في بلاد غير المسلمين، وسبل الحفاظ على الهوية الإسلامية في تلك الدول.
وبالمجمل..فإن هذا الرابط الصوتي لفضيلة الشيخ الدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان المشرف العام على شبكة قنوات ومواقع ومنتديات رسالة الإسلام وعضو مجلس هيئة حقوق الإنسان وأستاذ الفقه المقارن بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، يشتمل على كوكبة منتقاة من الموضوعات العصرية الشيقة التي تعكس الواقع بكل قضاياه وإشكالياته، تقدم للقارئ والمستمع الإجابات الشافية على كافة الأسئلة التي تراود خلده، وتداعب فكره، استنادا إلى ما قاله الله في كتابه العزيز، ونبيه صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة، وما أجمع عليه علماء الأمة الثقات.